هل لمحت شيئا؟؟ قال: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً} [سورة إبراهيم: 37]، إنها رحلة بالقلوب لا بالأبدان، رحلة قلوب مشتاقة وأرواح منقادة تنجذب لبيت المحبوب. قال الإمام ابن الجوزي في كتابه (نقد العلم والعلماء): "قد يسقط الإنسان الفرض بالحج مرة ثم يعود لا عن رضا الوالدين وهذا خطأ. وربما حج وعليه ديون أو مظالم، وربما خرج للنزهة، وربما حج بمال فيه شبهة، ومنهم من يحب أن يتلقى ويقال له: الحاج، وجمهورهم يضيع في الطريق فرائض من الطهارة والصلاة، ويجتمعون حول الكعبة بقلوب دنسة وبواطن غير نقية، وإبليس يريهم صورة الحج فيغرهم، وإنما المراد من الحج القرب بالقلوب لا بالأبدان وإنما يكون ذلك مع القيام بالتقوى، وكم من قاصد إلى مكة همته عدد حجاته فيقول: لي عشرون وقفة، وكم من مجاور قد طال مكثه ولم يشرع في تنقية باطنه".
فيا أيها الحاج ويا أيها المعذور كيف سيقبل قلبك على ربك؟ لا ريب عليك بالتوبة ليطهر هذا القلب، فاستغفر كثيرا، وجدد توبتك، واسأل الله تعالى أن يسلل سخائم صدرك، ويغسل حوبتك، واستشعر عظم الأجر لو وقفت، فالتوبة أسمى المقامات. وتفكر في معنى {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [ سورة الحج الآية 26] البيت مطهر، ولا يدخله إلا طاهر مطهر، {أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [سورة الأنفال: الآية 34].
الواجب العملي: 1- اجلس مع نفسك، من رمضان إلى الآن هل استكشفت عيبك؟ اكتب في ورقة عيبا أو عيبين، وأعمل جهدك خلال هذا الشهر أن تسعى بكل ما أوتيت من قوة في التخلص من هذه الآفات، هذا من ثرثرة لسانه، وهذا من التفاته عن ربه، وهذا من الكبر، وهذا من العُجب، وذاك من الرياء وحب المحمدة، اخلص لتتخلص. (وهذا سأساعدك فيها كل يوم بذكر عيب من العيوب وكيفية مداوته من خلال سلسلة تعد لأجل ذلك على هامش هذا المشروع بإذن الله فأعني بدعائك واستغفارك وعملك) "فأعينوني بقوة".
2- زد من ورد استغفارك خلال هذه الفترة لتتطهر. 3- تذكر ذنبا لو لقيت الله به غير مغفور هلكت، هل تذكره؟؟؟ نعم هو ذاك الذي يدمي قلبك، هو ذاك الذي يدمع عينك، هذا الذنب روض به نفسك لتجدد توبتك.
أحبتي.. استعدوا فقد حان وقت إقلاع القلوب لعلام الغيوب، وسنبدأ الرحلة من (إحرام قلب) فتدبروا ما فات، وأعدوا العدة لما هو آت، وتفكروا ماذا ستحرمونه على قلوبكم من الآن. اللهم لا تحرمنا زيارة بيتك الحرام، وارزقنا الحج هذا العام، وإلا فقد حبسنا العذر فلا تحرمنا الأجر. منقول